
الإنترنت، فإذا زرت موقع الحملات الإلكترونية www.Petitiononline.com ستفاجأ بعدد كبير من حملات جمع التوقيعات في كل المجالات؛ السياسية، الاقتصادية، وحتى الدينية، كما ستجد حملات ضد ومع كل شيء تقريبا، وإن كانت أهمها وأكثرها الحملات ذات الصبغة السياسية، كما توجد حملات من كل دول العالم تقريبا، وتبلغ عدد الحملات التي أنشأها مصريون فقط 98 حملة لجمع التوقيعات.
ولا تقتصر الحملات الإلكترونية على جمع التوقيعات ولكن هناك توظيف لفكرة المواقع الإلكترونية بشكل عام، فأشهر حملة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية والأمريكية مخصص لها موقع كامل هو www.kate3.com، ويتضمن قائمة بكل الشركات الأمريكية والإسرائيلية ومنتجاتها والبدائل المحلية لهذه المنتجات، فضلاً عن أخبار عن المقاطعة وما حققته من تأثير على اقتصاديات أمريكا وإسرائيل.
كما أن أشهر حركة معارضة مصرية بدأت بجمع توقيعات على بيان ضد النظام والحكومة المصرية وهي حركة كفاية www.harakamasria.org، وفي خلال 3 أعوام بلغ عدد الموقعين على البيان 3 آلاف مصري.
ارفع شعار: لا صمت بعد اليوم، وابدأ حملة لجمع التوقيعات ضد كل الأوضاع الخاطئة التي تحاصرنا: الغلاء، البطالة، الفساد، أو للتضامن مع من يستحقون: القضاة المصريين مثلاً، المعتقلين، حبس الصحفيين،... إلخ.
السكوت ممنوع
كل ما عليك هو الذهاب لموقع استضافة حملات التوقيعات المجاني www.petation.com، والذي يرشدك لكيفية بدء حملة التوقيعات، بداية ينصحك الموقع بكتابة نص البيان الذي ستجمع التوقيعات عليه باستخدام برنامج تحرير النصوص حتى تتمكن من مراجعته لغويا مرتين قبل نسخه ولصقه في استمارة العريضة بالموقع؛ وذلك حتى تتأكد من سلامة النص المكتوب قبل إرساله لجمع التوقيعات عليه، ويعلل الموقع هذا الإجراء بأنه في حالة وجود خطأ نحوي أو لغوي في نص البيان سيشعر الموقعون عليه بالحرج، وربما لا يوقعون عليه لعدم فهمهم الرسالة، بعد الانتهاء من كتابة نص البيان عليك أن تختار الطريقة التي سيوقع بها الناشطون على البيان، وينصحك الموقع بألا تكثر من طلب معلومات شخصية فالاسم الشخصي ضروري؛ ولكن العنوان والرقم البريدي والبريد الإلكتروني قد يشعر الناشط بالحرج، ويجعله يعزف عن المشاركة والتوقيع، كما يمكنك تفعيل خاصية إضافة تعليق بحيث يستطيع كل ناشط التعبير عن رأيه في موضوع البيان إلى جانب كتابة اسمه أو توقيعه، وستحتاج إلى ملأ معلومات خاصة بالحملة نفسها مثل اختيار اسم لها، وتحديد إلى من ستوجهها من صناع القرار، وتحديد مجتمع الناشطين الذين تطلب منهم الانضمام للحملة، وتحديد نوع الحملة من عدة اختيارات يتيحها الموقع (سياسية، بيئية، إعلامية، دينية، تكنولوجية)، وبالطبع عليك تحديد النطاق الجغرافي للحملة، وفي النهاية عليك ملء بياناتك الشخصية والتي ينصحك الموقع بأن تكون حقيقية حتى تعطي للحملة مصداقية.
نشر الحملة بين أكبر عدد ممكن من الناس سيساعد على نجاحها، فكلما زاد عدد المرسل إليهم بيان الحملة كلما زاد عدد المنضمين إليها، وبالطبع كلما زاد نجاحها وتأثيرها؛ ولذلك ينصحك الموقع بنشر رابط الحملة في المنتديات وآليات البحث، وإرسالها لكل أصدقائك.
قاطع المصرية للاتصالات
أشهر حملات جمع التوقيعات الآن هي حملة ضد الشركة المصرية للاتصالات احتجاجا على رفع سعر الخدمة دون استئذان المشتركين، ورفعت شعار "علي قد ما هتشوف مننا، على قد ما هتبطل تستغلنا"، ونجحت من خلال موقعها: www.petitiononline.com/telphone/petition.html، في جمع 1173 توقيع خلال أسبوع.
وينشر موقع الحملة بيانا موجه لرئيس مجلس وزراء مصر يدعو لمقاطعة الشركة المصرية للاتصالات يقول: "بعدما قامت الشركة المصرية للاتصالات بزيادة أسعار الخدمة التليفونية العادية من 24 جنيها إلى 30 جنيها (الدولار= 5.76 جنيهات مصرية) كل ثلاثة أشهر (الخط المنزلي) وزيادتها من 39 جنيها إلى 48 جنيها للخط التجاري، وبعدما رفعت قيمة رسم فتح الخط (الدقيقة الأولى) من 5 قروش إلى 6 قروش، وخفضت الدقائق المجانية من 166 دقيقة في الشهر إلى 50 دقيقة فقط. وكانت قد غيرت نظامه الأول وقامت بتحصيل الفواتير كل 3 شهور بدلا من 6 أشهر كما كان يحدث، وأعلنت كذلك أنه سيتم تحصيل الزيادات الجديدة بأثر رجعي! (من يناير الماضي وحتى بداية إبريل)؛ وهذا رغم أنها حققت أرباحا صافية بلغت مليارا و800 مليون جنيه عن العام المالي الأخير (مقارنة بما حققته في العام المالي السابق عليه 2004، والذي كان 752 مليون جنيه).
ولقد جرى خصخصة الشركة جزئيا ببيع حصة نسبتها 20% في العام الماضي لكنها ما زالت خاضعة لسيطرة الحكومة، ورغم وجود 10.4 ملايين مشترك في البلاد، فما زالت هي الشركة الوحيدة للاتصالات الخط الثابت، فلا يوجد لها منافس؛ وهو ما يجعلها لا تعير وزنا لاعتراضات عملائها. ولما يمثله هذا من عدم احترامها لنا ولاستغلالها حاجتنا لتلك الخدمة نعلن رفضنا واعتراضنا على ما تقوم به الشركة المصرية للاتصالات من استغلال، نطلق هذه الدعوة للمقاطعة"، ويطالب البيان الموقعين بعدد من الإجراءات للضغط على الشركة.
مساحة أفضل للتعبير
لكن إلى أي مدى تؤثر هذه الحملات كأداة لحشد الرأي العام والضغط على صانع القرار؟ ولماذا تنتشر حملات جمع التوقيعات على الإنترنت؟ وهل تصبح بديلاً عن النشاط على أرض الواقع؟
تفسر د. جيهان رشتي -أستاذ الإعلام- إقبال المواطنين على هذا النوع من الحملات الإلكترونية بأن الإنترنت تتيح التواصل بين مختلف البشر دون التقييد بظروف الزمان والمكان، كما تتيح حرية التعبير، فمثلاً إذا فرضنا أن هناك مجموعة من الأفراد يريدون إنشاء جمعية أهلية للدفاع عنهم ستواجههم مصاعب كثيرة عليهم أن يتغلبوا عليها قبل أن يبدءوا نشاطهم، كما أن قدرة الجمعيات على النفاذ إلى المواطنين والانتشار عبر وسائل الإعلام محدودة ومتوقفة على مدى نشاط وسائل الإعلام وتقديمها لوجهات نظر مختلفة معها، فأجهزة الإعلام الرسمية تعمل كبوق للدولة ولا تهتم بإبراز المعارضة سواء السياسية أو الاجتماعية.
ويرى د. صفوت العالم، أستاذ الإعلان بكلية الإعلام- جامعة القاهرة أن الحملات الإلكترونية قد تكون مؤثرة في تعريف الناس بموضوع الحملة ودعوتهم للانضمام إليها أكثر من الوسائل الإعلامية التقليدية من الراديو والتليفزيون والصحف، ويرجع ذلك إلى أن الإنترنت كوسيلة إعلامية تتيح اتصالا أكثر شخصية، وهو ما يجعل الحملات الإلكترونية أكثر تأثيرا.
وعن إمكانية أن تصبح الحملات الإلكترونية بديلاً عن النشاط على أرض الواقع يقول د. محمود عودة، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس- مصر: إن المشكلة ليست في أن تصبح الحملات الإلكترونية بديلاً للنشاط الفعلي، لأنه لا يوجد نشاط فعلي، وأصبحت الساحة خالية تماما بسبب القوانين التي تجرم التظاهر والتجمهر وحتى توزيع المنشورات، ومن الممكن أن تجد نفسك في لحظة متهما، لذلك حققت حملات جمع التوقيعات على الإنترنت نجاحا كبيرا؛ لأن المواطنين متعطشون للمشاركة والتعبير عن آرائهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق